“برنامج تمكين النساء في المشرق”: سعي للمساواة وفرص عمل أكثر للنساء
يُصنّف لبنان بين أدنى المراتب العالمية من حيث مشاركة المرأة في سوق العمل، وذلك بنسبة لا تتخطّى 26,3 % للنساء، كما يحتلّ المرتبة الـ١٤٥ من بين ١٥٣ دولة تناولها المؤشر السنوي العالمي للفجوة بين الجنسين الذي صدر عن “المنتدى الاقتصادي العالمي” 2020. وفي ضوء هذه الأرقام المقلقة، أطلقت الحكومة اللبنانية قبل عامين خطة عمل وطنية تهدف إلى زيادة نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة بنسبة 5٪ خلال 5 سنوات. وتتابع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية التي تترأسها السيدة كلودين عون روكز، تنفيذ خطة العمل بمساعدة تقنية ودعم من البنك الدولي في إطار “برنامج تمكين النساء في المشرق”.
فما هي أهداف البرنامج وأبرز النتائج المتوقعة منه؟ وكيف يمكن للمرأة اللبنانية الإفادة منه خصوصاً في ظلّ الأزمة الحالية التي جعلت عمل المرأة يواجه صعوبات أكثر من أي وقت مضى؟
السيّد جاد نجم المنسق الوطني لبرنامج تمكين النساء في المشرق ورئيس لجنة الاقتصاد والعمل والتنمية المستدامة في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة يشرح في مقابلة خاصة لـ “أحوال” أنّ “برنامج تمكين النساء في المشرق انطلق في كانون الثاني من عام 2019 في مؤتمر برئاسة رئيس الحكومة آنذاك سعد الحريري وبرعاية البنك الدولي، وتمويل من الدولة الكندية، ثمّ انضمت النروج لاحقاً الى البرنامج وشاركت في تمويله”.
ويؤكّد أن “هدف البرنامج هو تمكين المرأة ودعمها في المجتمع على مستويات مختلفة، ولذلك يُنفّذ هذا المشروع بالشراكة مع القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني. وما زال هذا البرنامج قائماً ويعمل وفق الأهداف المحددة، على رغم المشكلات التي حصلت على مستوى لبنان في العامين السابقين”.
مستويات عمل برنامج تمكين النساء في المشرق
ويعمل هذا البرنامج على مستويات مختلفة كالآتي:
-الأوّل، قانوني، لجهة العمل على تعديل قوانين عدة متعلقة بشؤون المرأة ودعمها وإقرار قانون تجريم التحرش الجنسي وتعديل قوانين العمل بالتعاون مع وزارة العمل لإضافة نصوص تسهيلية لعمل المرأة، إن لجهة دوام العمل أو تربية الأولاد في موازاة عملها.
-الثاني، على مستوى اقتصاد الرعاية، حيث نعدّ أوّل دراسة عن قطاع الاهتمام بالأولاد على مستوى البلد، بالتعاون مع وزارات عدة، منها وزارات الشؤون الاجتماعية والصحة العامة والتربية والتعليم العالي، إضافةً الى شركة “statistics Lebanon” التي تعدّ هذه الدراسة بمتابعة من البرنامج، وذلك للوصول الى الحالات الموجودة في البلد التي تحتاج الى خدمات رعاية الأطفال، مع تحديد هذه المشكلات.
-الثالث، إعداد استراتيجية تواصل، يسبقها دراسة سلوك الناس في مواجهة المشكلات التي تواجههم، لتحديد المشكلات التي سننظّم حملة توعية عليها.
-الرابع، قطاع العمل، لدعم الشركات التي تملكها أو تديرها نساء، وذلك لتمكينهنّ خلال هذا الوضع الاقتصادي الصعب. كذلك نجري تدريباً على إدارة الشركات في ظلّ الأزمات، لتوعية النساء ودعمهنّ ومساعدتهنّ على إدارة شركاتهنّ في ظلّ هذه الأوضاع الصعبة. ولا يزال البرنامج في هذه المرحلة منه، فيما سيُتابع بمراحل إضافية لاحقاً، حيث سيتمّ تدريب النساء في القطاع الخاص لتفعيل وتكريس وجود المرأة كعضو في مجالس إدارة الشركات، وكذلك في القطاع العام.
-الخامس، قطاع التكنولوجيا الزراعية، لدعم النساء اللواتي يعملن في الأرياف ولمساعدة النساء اللواتي يعملن في الزراعة ويملكن أفكاراً تطويرية تكنولوجية، على تسويق هذه الأفكار وتسهيل وصولهنّ الى السوق لبيع منتجاتهنّ وللنجاح أكثر.
كيف تستطيع المرأة العاملة أن تستفيد من البرنامج؟
وبما أن لبنان يُصنّف في المراتب الدنيا عالمياً لجهة مشاركة النساء في سوق العمل، حيث أنّ 26 في المئة من اللبنانيات فقط يعملن، يشرح السيّد نجم أن “البرنامج يهدف الى زيادة هذه النسبة 5 في المئة ويطمح الى تحقيق نسب أعلى لاحقاً. ويُمكن للنساء العاملات في لبنان أن يتواصلن مع البرنامج للمشاركة في التدريب على إدارة شركاتهنّ في ظلّ الأزمات مجاناً، وبالتالي الدخول في شبكة التواصل التي أنشأها البرنامج، حيث يُمكن أن تفتح لهنّ مجالات عمل مع شركات أخرى لتحسين عملهنّ وتطويره. وتُقدّم هذه المحاضرات حالياً الكترونياً التزاماً بإجراءات الوقاية من فيروس “كورونا”. وهي محاضرات بناءة ومساعدة جداً، وأفادت شركات عدة عن استفادتها من هذا التدريب”.
مسح لخدمات رعاية الأطفال سيشمل السوق اللبناني بكامله
وعلى رغم أنّ العوامل الضاغطة جراء الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتتالية في لبنان تؤثر على الجميع رجالاً ونساءً، إلّا أنّ تأثيرها بحسب نجم “على النساء العاملات أكبر، إذ لديهنّ مسؤوليات أكبر، لجهة الاهتمام بالأولاد ورعايتهم وتدريسهم، وهذا ما نسعى الى تغييره، لأنّ المرأة والرجل يجب أن يكونان متساويين في المسؤولية تجاه العائلة والمجتمع. وفي هذا الإطار، تفاقمت المشكلات في هذه المرحلة، نظراً الى إغلاق دور الحضانة والمدارس، ما يخلق ضغطا إضافياً على النساء، لاسيما منهنّ العاملات. وهذه إحدى المشكلات المطروحة في البرنامج والتي نحاول إيجاد حلول لها، ومن هنا تأتي أهمية المسح الذي نجريه لتحديد حالات خدمات رعاية الأطفال والدراسة التي ستشمل السوق اللبناني بكامله، وذلك ليس في ظلّ الأوضاع الراهنة بل أيضاً في ظلّ أوضاع طبيعية، لأنّ هناك نساء يمكنهنّ العمل ويملكن إمكانيات أفضل بكثير من الرجال، لكنهن لا يعملن إذ لا يوجد من يمكنه الاهتمام بأولادهنّ وليس باستطاعتهنّ دفع تكاليف تسجيل الأولاد في دور حضانة. وهذا الأمر يخلق عدم مساواة بين النساء والرجال، ويمنعهنّ من العمل وتحقيق ذاتهنّ على الصعيدين الاقتصادي والمهني وإبراز طموحاتهنّ وإمكاناتهنّ”.
خلق فرص عمل أكثر
ويرى المنسّق الوطني لبرنامج تمكين النساء في المشرق ان “هذا البرنامج هو الخطوة الأولى على طريق الألف ميل، للمساعدة والتحسين خصوصاً أنّ هناك معتقدات في المجتمع، من الصعب تغييرها سريعاً بل يتطلّب تغيير تفكير الناس جهداً وعملاً مستمراً. ونأمل في أن تكون الأجيال الجديدة التي ستدير البلد والأعمال مستقبلاً، أكثر وعياً إزاء هذه المشكلات وإزاء الامكانيات التي تملكها المرأة ويمكنها تقديمها الى المجتمع، والتي نعتبر أنّها هائلة”.
ويختم بالقول: “نحن نعمل على إنجاح برنامج تمكين المرأة، لكي نخلق فرص عمل أكثر للمرأة فضلاً عن تحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وهذه الأهداف تتطلب التعاون بين جميع المعنيين، وأن تعمد النساء الى تبليغنا بالمشكلات التي يعانين منها لكي نساهم في معالجتها، ونأمل في أن نصل الى نتائج ملموسة”.